فصل: فصل في علاج الاستسقاء الطبلي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في علاج الاستسقاء اللحمي:

الأصول الكلية نافعة في الاستسقاء اللحمي ومع ذلك فقد ذكرنا في باب الاستسقاء الزقي إشارات إلى معالجات الاستسقاء اللحمي.
وقد تقع الحاجة فيه إلى الفصد وإن كان السبب فيه احتباس دم الطمث أو البواسير وكان هناك دلائل الامتلاء فإن في الفصد حينئذ إزالة الخانق المطفئ.
والفصد أشد مناسبة للحي منه للزقي وإذا كان مع اللحمي حمى لم يجز إسهال بدواء ولا فصد ما لم يزل.
وأقراص الشبرم وشربها على ما وصفنا في باب الزقي أشد ملائمة للحمي منها لسائر أنواع الاستسقاء ولين الطبيعة منهم صالح لهم جداً.
فلا يجب أن تحبس بل يجب أن تطلق دائماً ولو بالدواء المعتدل وينفع القذف وتنفع الغراغر المنقية للدماغ وينفع الإسهال.
وأفضله ما كان بحبّ الراوند.
وللاستسقاء وخصوصاً اللحمي رياضة تبتدئ أولاً مستلقياً ثم متمكناً على ظهر الدابة ثم ماشياً قليلاً على أرض لينة رملية.
ومنهم من يمسح العرق لئلا يؤثر كبّ الرشح الأول على الثاني سدداً ويتعرض بعد الرياضة للتسخين خصوصاً بالشمس فإنها قوية الغوص وإذا اشتد حر الشمس وقى الرأس لئلا يصيبه علة دماغية ويكشف سائر الأعضاء ويكون مضطجعه الرمل إن وجده فإنه صالح لما ذكرنا بالمدرات المذكورة.
فإذا أدر منه العرق مسحه ودهن بمثل دهن قثاء الحمار ونحوه.
ويتوقى مهاب الرياح الباردة ويجب أن يشرب دواء اللكّ ودواء الكركم وكذلك الكلكلانج أيضاً ويستعمل المدرات المذكورة والمسهّلات التي فيها تلطيف وتجفيف ومنها أقراص الغافت مع الأبهل في ماء الأصول وفي السكنجبين البزوري إن كانت حرارة.
والأدوية المفردة في الزقّي نافعة في هذا كله حتى السكبينج والقسط والمازريون والفربيون.
وطبيخ الابهل نافع جداً.
وإن طبخ وحده بقدر ما يحمّر الماء منه ثم يؤخذ وزن ثلاثة دراهم إبهل ويشرب من ذلك الماء عليه ويسقى أيضاً نانخواه وكمون وملح الطبرزذ.
وأما الذي عن سبب حار فيجب أن يفصد ليخرج الصديد الرديء ويدرّ.
فإذا انتقت العروق أصلح مزاج الكبد بما يرد الكبد عن الالتهاب إلى المزاج الطبيعي وتغذيه اللحمي البارد والحار وتعطيشه كما في الزقي البارد والحار بعينه.

.فصل في علاج الاستسقاء الطبلي:

القانون في علاجه أن يستفرغ الخلط الرطب إن كان هو لاحتباسه سبباً للنفخة وربما احتاج إلى استفراغ المائية وإلى البزل أيضاً كالزقي وأن تقوّي المعدة إن كان السبب ضعفها أو يعدل والفصد لا يدخل في هذا الباب إلا في النادر بل الأولى أن يسهّل الطبيعة برفق ويجب أن لا يكثر من المسهّلات ويجب أيضاً أن يستعمل المدرات ولكن لا يفرط فيها فإن الإفراط فيهما يؤدي إلى تولد أبخرة كثيرة ثم يستعمل المجشئات ومحلّلات الرياح ويدلك بطنه في اليوم مراراً ويكمّد بالجاورس والنخالة إن نفعه وكذلك حبوب مشروبة وحمولات وربما احتاج إلى وضع المحاجم الفارغة على بطنه مراراً.
ويجب أن يجتنب الحبوب والبقول والألبان والفواكه الرطبة.
وإن كان الاستسقاء الطبلي مع سوء مزاج حار فيجب أن يسقى مثل مياه الرازيانج والكرفس وإكليل الملك والبابونج والحسك.
وإن كان الاستسقاء الطبلي من سوء مزاج بارد فيجب أن يسقى الكمون والأنيسون والجندبادستر والنانخواه وأن يمضغ الكمون.
والكندر دائماً ينفعه معجون الوجّ بالشونيز وهو مذكور في القرابادين وأيضاً ينفعه ورق القماري إذا مضغ دائماً وكذلك السعد والدوقو من كل واحد وزن درهمين.
وأيضاً نانخواه وإبهل وكمون ملح طبرزذ والحمولات يؤخذ كمون وبورق وورق سذاب ويستعمل منه شيافة بعد أن تراعى القوة والوقت.
ومن الحقن دهن السذاب نفسه أو مع البزور المحللة وكذلك دهن الكرفس ودهن الدارصيني وكذلك البزور المحللة للرياح مطبوخاً.

.الفن الخامس عشر: أحوال المرارة والطحال:

وهو مقالتان:

.المقالة الأولى: تشريح المرارة والطحال وفي اليرقان:

.فصل في تشريح المرارة:

اعلم أن المرارة كيس معلّق من الكبد إلى ناحية المعدة من طبقة واحدة عصبانية ولها ضمّ إلى الكبد ومجرى فيه يجذب الخلط الرقيق الموافق لها والمرار الأصفر ويتصل هذا المجرى بنفس الكبد والعروق التي فيها يتكون الدم وله هناك شعب كثيرة غائصة وإن كان مدخل عمودها من التقعير والفم ومجرى إلى ناحية المعدة.
والأمعاء ترسل فيه إلى ناحيتهما فضل الصفراء على ما ذكرناه في الكتاب الأول.
وهذا المجرى يتصل أكثر شعبه بالاثني عشري وربما اتصل شيء صغير منه بأسفل المعدة وربما وقع الأمر بالضد فصار الأكبر المتصل بالوعاء الأغلظ إلى أسفل المعدة والأصغر إلى الاثني عشري.
وفي أكثر الناس هو مجرى واحد متصل بالاثني عشري.
وأما مدخل الأنبوبة المصاصة للمرارة في المرارة فقريب من مدخل أنبوبة المثانة في المثانة.
ومن عادة الأطباء الأقدمين أن يسموا المرار الكيس الأصغر كما أنه من عادتهم أن يسموا المثانة الكيس الأكبر ومن المنافع في خلقة المرارة تنقية الكبد من الفضل الرغوي وأيضاً تسخينها كالوقود تحت القدر وأيضاً تلطيف الدم وتحليل الفضول وأيضاً تحريك البراز وتنظيف الأمعاء وشدّ ما يسترخي من العضل حوله وإنما لم يخلق في الأكثر للمرارة سبيل إلى المعدة لتغسل رطوباتها بالمرة كما تغسل بها في رطوبات الأمعاء لأن المعدة تتأذى بذلك وتغثّي ويفسد الهضم فيها بما يخالط الغذاء من خلط رديء ويأتيها من العرق الضارب.
وللعصبة التي تتصل بالكبد شعبتان صغيرتان جداً والمرارة كالمثانة طبقة واحدة مؤلفة من أصناف الليف الثلاثة وإذا لم تجذب المرارة المرار أو جذبت فلم تستنق عنه حدثت آفات فإن الصفراء إذا احتبست فوق المرارة أو رمت الكبد وأورثت اليرقان وربما عفنت وأحدثت حميات رديئة.
وإذا سالت إلى أعضاء البول بإفراط قرحت وإذا سالت إلى عضو ما أحدثت الحمرة والنملة وإذا دبت في البدن كله ساكنة غير هائجة أحدثت اليرقان وإذا سالت عن المرارة إلى الأمعاء بإفراط أورثت الإسهال المراري والسحج.

.فصل في تشريح الطحال:

إن الطحال بالجملة مفرغة ثفل الدم وحرافته وهما السوداء الطبيعية والعرضية وله شأن ما وقوة فهو يقاوم القلب من تحت والكبد والمرارة من جانب.
وإذا جذب كدورة الدم هضمها فإذا حمضت أو عفصت وصلحت لدغدغة فم المعدة ودباغته واعتدل حرها أرسلها إليه في وريد عظيم.
وإذا ضعف الطحال عن تنقية الكبد وما يليها من السوداء حدثت في البدن أمراض سوداوية من السرطان والدوالي وداء الفيل والقوباء والبهق الأسود والبرص الأسود بل من المالنخوليا والجذام وغير ذلك وإذا ضعف عن إخراج ما يجب أن يخرج عن نفسه من السوداء وجب أيضاً أن يكبر ويعظم ويرم وأن لا يكون لما يتولّد فيه من السوداء مكان فيه وأن يحتبس ما يدغدغ فم المعدة.
وإذا أرسل بإفراط اشتد الجوع وإن كان حامضاً وكان ليس بمفرط فيغثي ويقيء وربما أحدث في الأمعاء سحجاً سوداوياً قتالاً وإذا سمن الطحال هزل البدن وهزل الكبد فهو أشد ضداً للكبد وربما احترقت السوداء في الطحال لا إلى الحموضة المعتدلة وربما انصب كثيراً فاحشاً إلى المعدة فأحدث القيء السوداوي وربما كان له أدوار وعرض منه المرض المسمى انقلاب المعدة.
وإذا كثر استفراغ السوداء ولم تكن هناك حمى فهو لضعف الماسكة أو القوة الدافعة وإذا كثر احتباسها فبالضد.
والطحال عضو مستطيل لساني متصل بالمعدة من يسارها إلى خلف وحيث الصلب يجذب السوداء بعنق متصل بتقعيرِ الكبد تحت متصل عنق المرارة ويدفعها بعنق نابت من باطنه وتقعيرة يلي المعدة وحسبته تلي الأضلاع وليس تعلقها بالأضلاع برباطات كثيرة وقوية بل بقليلة ليفية منسدة بأغشية الأضلاع.
ومن هذا الجانب يتصل بالعروق الساكنة والضاربة.
وجانبه المقعر المسطوح يقبل على الكبد والمعدة وإن كان موار بالأسفل الكبد.
واقعاً عند أسفل المعدة ويصل بينه وبين المعدة عرق يلتحم بكل واحد منهما وفيه الباسليق أيضاً ويدعمه الصفاق المطوي طاقين بشعب تتفرق منه فيه كثيرة العدد صغيرة المقادير تداخل الطحال والثرب.
وفي الطحال عروق ضوارب وغير ضوارب كثيرة ينضج فيها الدم وتشبه بجوهره ثم تدفع الفضل وجرمه سخيفاً ليسهل قبوله للفضل الغليظ السوداوي الذي يداخله ويغشيه غشاء.

.فصل في اليرقان الأصفر والأسود:

اعلم أن اليرقان تغير فاحش من لون البدن إلى صفرة أو سواد لجريان الخلط الأصفر أو الأسود إلى الجلد وما يليه بلا عفونة لو كانت لصحبها غبّ في الصفراء أو ربع في السوداء. وسبب الأصفر في أكثر الأمر هو من جهة الكبد ومن جهة المرارة.
وسبب الأسود من الطحال.
وقد يكون من الكبد وقد يتفق أن يكون سبب الأصفر والأَسود معاً هو المزاج العام للبدن.
فلنتكلم أولاً في اليرقان الصفراوي فنقول: أن اليرقان الصفراوي إما أن يكون لكثرة تولد الصفراء أو لامتناع استفراغها وكثرة ما يتولد منها إما بسبب العضو المولّد أو بسبب المادة التي منها تتولد أو لأسباب غريبة.
والعضو المولّد في الطبع هو الكبد فإنها إذا سخنت جداً للأسباب المسخنة أو الأورام في الكبد وفي مجاري الصفراء أو لسدد تحتبس المرة أو لمرارة أو لحرارة مزاج المرة فتسخّن الكبد جداً أحدثت الصفراء على ما علمت في مواضعه وأما المولد لا في الطبع فهو جميع البدن إذا سخن سخونة مفرطة أحال جميع ما فيه من الدم إلى الصفراء والمادة هي الأغذية.
وإذا كانت من جنس ما تتولد منها الصفراء إما لحرارة مزاجها وإما لسرعة استحالتها إلى الحرارة كاللبن في المعدة الحارة لم تخل عن توليد الصفراء الكثيرة.
وأما الأسباب الغريبة فمثل حر من خارج يشتمل عليه أو يفشو فيه بسبب مثل لسعة من جرارة أو حية أو ضرب من الزنابير الخبيثة أو عضّ مثل قملة النسر.
وقد تفعله الأدوية المشروبة كمرارة النمر والأفعى إذا كانا بحيث لا يقتلان.
والسمّي في الأكثر يظهر دفعة وما يكون من اليرقان لكثره الصفراء فقد يكون انتشارها من نفسها لشدة الغلبة على الدم وقد يكون على سبيل دفع من الطبيعة وهو اليرقان البحراني وهذه الكثرة قد يتفق أن تتولد دفعة وقد تتولد قليلاً قليلاً وفي الأيام إذا كان ما يتولد لا يتحلل لكثافة الجلد أو غلظ المادة.
ولهذين السببين ما يكثر اليرقان عند هيجان الرياح الشمالية وفي الشتاء البارد وعند احتباس العرق المعتاد.
وكثرة تولد الصفراء قد تكون في الكبد وقد تكون في البدن كله على ما قد علمت وقد تكون بسبب الأورام الحارة حيث كانت لما تغير من المزاج إلى الحرارة فيكثر تولد الصفراء فيحدث اليرقان عن مجاورة أورام حارة لتغيرها المزاج وإن كان قد يحدث ذلك أيضاً على سبيل التسديد ومنع الاستفراغ.
والباردة أولى بتوليد المرار الأسود فهذا هو الكائن بسبب الكثرة.
وأما الكائن بسبب عدم الاستفراغ فإما أن يكون عن الاستفراغ عن الكبد أو عن المرارة أو عن الأمعاء والأعضاء الأخرى وإذا لم تستفرغ عن الكبد فإما أن يكون السبب في الفاعل أو يكون في الآلة.
والسبب الذي في الفاعل هو ضعف القوة المميزة أو ضعف القوة الدافعة.
والسبب الذي في الآلة فهو انسداد المجرى أو ما بين الكبد والمجرى.
ومن هذا القبيل ما يتولّد عن أورام الكبد الحارة والصلبة.
ومن هذا القبيل اليرقان الذي يكون مع برد يصيب قعر الكبد فيقبض مجاريها.
والذي يكون من انضغاط أيضاً وسائر أسباب السدد.
واعلم أنه إذا حصلت سدة تحبس الصفراء في الكبد في أي المواضع كانت من الكبد والمرارة وجب أن يصير الكبد أسخن مما هو فيتولد المرار أيضاً أكثر مما كان يتولّد في حال السلامة.
وأما الكائن بسبب المرارة فإما لضعفها عن الجذب من الكبد لا سيما إذا كان مع ضعف الكبد عن التمييز والدفع أو لشدة قوة جاذبتها فيملأها جذباً دفعة واحدة ولا يسعها غير ما يملأها ويمددها كثيراً فتسقط قوتها فلا تجذب.
وإما لوقوع سدة في مجراها إلى الأمعاء وقد تكون تلك السدة بسبب شدة اكتناز منها لما سال إليها من الصفراء دفعة لكثرة تولّد أو شدة دفع في الكبد أو جذب من المرارة فينطبق على فم المجرى ما يحتبس.
ومع ذلك فإن القوة للأذى تضعف وقد يكون لسائر أسباب السدد.
والذي يكون في القولنج فيكون لأن الخلط اللزج يغري وجه المجرى فلا ينصبّ المرار إلى الأمعاء وهذا هو الذي سببه القولنج.
وقد يكون من اليرقان ما هو مع القولنج وليس سببه القولنج بل هما جميعاً مشتركان في سبب واحد وهو سدة سبقت إلى مجرى المرارة قبل حدوث القولنج فمنعت المرار أن ينصب إلى الأمعاء ويغسلها فلما منعت عرض أن الأمعاء لم تنغسل وكثر فيها الرطوبات وهاج القولنج وعرض أن الصفراء رجعت إلى البدن فهاج اليرقان وكل سدة في مجرى الكبد إلى المرارة أو في مجرى المرارة إلى الأمعاء كانت من إلتحام أو ثؤلول لم يرج برؤها.
وأما الكائن عن الأمعاء فهو ما ظنه قوم من أنه قد يعرض أن يجتمع في الأمعاء.
وخصوصاً قولون صفراء كثيرة قد انصبت إليه وليست تخرج منه لسبب حائل فلا تجد المرة التي في المرارة موضعاً يفرغ فيه وإن كان المجرى مفتوحاً وهذا قليل جداً وكأنه بعيد لأن المرارة إذا كثرت وحصلت في معي أخرجت نفسها وغيرها إلا أن يكون عرض للحس أن بطل وللدافعة أن سقطت.
وأما اليرقان الأسود الطحالي نفسه في وجوه تكونه على اليرقان المراري من حيث تكونه لسدد المجريين ومن حيث كونه لضعف بعض القوى وقوة بعضها.
وأما اليرقان الأسود الكبدي فربما كان لشدة حرارة الكبد فيحرق الدم إلى السوداء وتكثر السوداء في البدن فإن أعانه من الطحال والمجاري معاون تمّ الأمر وربما كان لشدة بردها فيتعكّر لها الدم ويسودّ.
وقد يكون ذلك البرد مع يبس وقد يكون مع رطوبة وقد يكون بسبب أورام باردة وصلبة.
وأما اليرقان الأسود الذي بسبب البدن كله فإما لشدة حرارة البدن فيحرق الدم سوداء أو لشدة بروده فيجمده ويسوده.
وكل يرقان أصفر أو أسود يكون سببه البدن كله فهو بسبب العروق المنبثة في البدن ويكون فساد استحالة الدم إليها على قياس فساد استحالة الدم إلى مادة الاستسقاء اللحمي الكائنة منه إن لم يكن هناك فساد ظاهر في الكبد بل كان في العروق فقط.
وقد يمكنك أن تقدم فتعلم أن اليرقان الأسود قد يكون للكثرة وقد يكون للاحتباس وعلى قياس ما قيل في الأصفر وقد تجتمع اليرقانات معاً إما لأن الصفراء المنتشرة يعرض لها وللمخالطها من الدم الاحتراق فيصير سوداء ويتركّب الخلطان أو لأن في الجانبين جميعاً آفة أعني جانب الكبد والمرارة وجانب الطحال.
وقد ظن قوم أن الأصفر قد يعرض بغتة والأسود لا يعرض بغتة وذهبوا إلى أن سبب تولّد الصفراء أقوى من سبب تولد السوداء والسوداء تتولد قليلاً قليلاً وليس الأمر كذلك وإن كان الأكثر على ما قالوا.
وقد يتفق أيضاً أن يكون اليرقان الأسود بحراناً لأمراض الطحال وما يشبهها إذا لم تهتد الطبيعة إلى جهة النقص لسبب معوّق.
وأكثر أصحاب اليرقان الأصفر تعتقل طبيعتهم لاحتباس المنبه اللذاع الذي ومن كان به يرقان وترك فلم يعالجه ولم تتحلل مادته خيف عليه الخطر.
وكثير منهم يصيبه الموت فجأة.
وشرّ أصناف اليرقان الكبدي ما كان عن ورم وهو الذي ذكره أبقراط فقال: إذا كان الكبد في الماروق صلبة فذلك دليل رديء.
وقد قال أبقراط في بعض ما ينسب إليه: أن من اليرقان ضرباً رديئاً سريع الإهلاك ويكون في بول صاحبه شبيه بالكرسنّة أحمر اللون ويكون معه غرز في البطن وحمى وقشعريرة ضعيفة ويكون ضعف في الكلام من شدة الدوار وهذا يقتل إلى أربعة عشر يوماً.